حفنات جمر، بين الإبداع والإخراج للناقد المصري: محمد هندي

  قصص مترابطة أم قصيصات مترابطة ؟لن نختلف كثيرا ، على الرغم من خصوصية اللفظ الثاني ودقته على الإبداع المقدم ، من قبل تم إخراج هذا العمل من قبل الناقد "عبده حقي "واليوم نحن أمام تجربة إخراجية أخرى؛ لتتأكد لنا العلاقة بين القارئ والمبدع، وليعزفا معا سمفونية اللقاء التواصلي، والذي من شأنه أن يخلق لنا ألوانا من الرؤى الموازية للنص المقدم، وبالطبع هي رؤى تعمل على إثرائهوقبل الحديث ينبغي الإشارة إلى إن النص بعد إخراجه قد يظهر بشكل آخر لكنه يحافظ على الجوهر ، وهنا يحضرني الكلام عن تعامل السينمائي مع النص الروائي عند إخراجه في صورة فيلم يشاهد، فمثلا نجد فرقا واسعا بين " ميرامار" نجيب محفوظ الرواية ، وبين " ميرامار"، الفيلم الذي أذاعته السينما من حيث البدايات وعرض الشخصيات والحبكة وتقديمها وما شابة، لكن الجوهر والقضية واحدة في كلا النصين.
هذا ما رأيته في إخراج الناقد "عبده حقي"، من قبل ،ورأيته اليوم في هذا الإخراج الذي قدم من ناقدة مبدعة مثل" لبيبة خمار"

حول تكنيك الإخراج أقول :

ظهور الروح التشاركية بين المبدع والمخرج سواء في التوجيهات أو التعليقات ..الأمر الذي جعلنا نتخيل أن الناقدة" لبيبة خمار بإخراجها هى التى تحدثنا، ومرة أخرى نحس بأن المبدع إسماعيل البويحياوي هو الذى يحدثنا ....وقد تميز النص المقدم بشكل عام بــ:

الخطاب المقدماتي الذي يختفى تحت أيقونه الجدول التوجيهي، والذي نجده أيضا موجودا على يمين الشاشة، وهو خطاب لعب دورا كبيرا في النص ، خطاب لم نره في النسخة الرقمية للنص الأصلى ، من شأن هذا الخطاب خلق الحوارية مع القارئ ، وإعطاء مزيد من المعلومات والتوضيحات حول المغامرة الرقمية التي سيقبل عليها، ومن هنا يتحقق جانب مهم، وهو التفاعلية، ولعلى أذكر مقولة " عبير سلامة" حين قالت في نظرة موسعة: إن السرود الرقمية هى سرود تفاعلية، حيث اللعب بين المبدع والقارئ معا ، هذا القارئ الذي - فى وجهة نظري- اتخذ صورا عدة مثل: المشاهد والمخرج والمصمم ، بل إن مبدع هذا النص وهو: إسماعيل البويحياوي، قد تحول هو الآخر إلى قارئ ومشاهد لنصه خطاب مقدماتي تميز بلغته الشعرية التى تعمل على إذابة روح المخاطب أو القار ئ (فأنا أتخيلك - أتخيلك قارئا يمارس طقسا جميلا. كلما تذوق حلاوة الاعتكاف فيه كلما ارتقى طبقاته واستحم في سره وصار من مريديه ومحبيه ). وقد يكون النص مكتملا من قبل المبدع، لكن الإخراج قد أعطاه صورة أخرى، وفتح له مجالا إبداعيا آخر قائما على المشاركة التفاعلية من قبل القارئ خاصة عندما نرى سؤالا مثل هذا موجها إليه :
ما رأيك في القصيصات المترابطة للقاص إسماعيل البويحياوي؟
وكذا ايضا حين نجد: يسعدنا تلقي آرائكم وتعليقاتكم وجميع اقتراحاتكم

selbouyahyaoui@gmail.com
 من التكنيك الإخراجي أيضا التلاعب بالألوان ودلالتها على المعنى المقصود، خاصة اللون الأحمر الذي يتلاءم مع "حفنات جمر" ،وألسنة النار المستخدمة من خلال أيقونة الصور المتحركة في النص إلى جانب الصور والخلفيات التي تنفتح علينا من خلال روابط النصوص المقدمة مثل رابط عصا الجنة...اللافت للنظر أيضا استخدام أيقونة اليد وقبضها على الحفنات ، ووضعها أسفل رابط الجدول التوجيهي، فق قد أحسنت فيه المخرجة صنعا ،خاصة بعد مجيئ روابط النصوص المقدمة وكأن المخرجة جمعت هذه الحفنات أو الروابط وقبضتها في يدها ثم فجأة ألقتها علينا، لتأخذ شكلها الموجود حاليا.... من التكنيك الإخراجي إعطاء النص بعدا سمعيا من خلال تنشيط الروابط ، وجعلها تنفتح على مقاطع غنائية، ربما لها دلالة في النص ، من ذلك مثلا: بالضغط على رابط الثورات العربية ضمن نص " عصا الجنة " سوف ينفتح النص على مقطع أغنية أو فيديو : أغنية رائعة للثورة الفرنسية من فيلم البؤساء، وان كنت أفضل المقاطع العربية لتتماشي وطبيعة المشاهد العربييبقى لي أن أتساءل من خلال هذه النظرة الموجزة، هل من الممكن التركيز على الروابط وجعلها أكثر حركية عندما تظهر على الشاشة مثلا؟، وهل يمكن لنا أن نحمل كل رابط من هذه الروابط مقاطع حركية وبصرية وسمعية تتماشى ومضمون الرابط مثلا ؟، و هذا محقق لكن بطريقة جزئية ،وهل يمكن أن نجعل هناك مساحة للقارئ أسفل كل نص، ليكون التفاعل حيويا ومع النص المقدم مباشرة مما يسهم في خلق ما يسمى بالنصوص الموازية ؟ أسئلة ربما تكون بديهية وعادية أو ربما بعضها يحتاج إلى نظر، لكن دعونا نتخيل طالما نقرأ ما يقدم..النص ممتع على الرغم من أن البعض قد يجد فيه صعوبة عند القراءة، وهذا طبيعي؛ لأن ثقافتنا العربية لم تتعود بعد ممارسة الحاسوب وهذا حال الكثيرين، كذلك الإخراج فيه قيمة إبداعية حسبي ما سجلته والذي اعتقد أنني لم أعطه حقه، ولو قمت بتفعيل جميع الروابط والأيقونات وتفاعلت معها مرات ومرات لكنت اكتشفت المزيد ....النص والإخراج غنيان ويحملان قيمة فنية ،حسبهما تفاعل القارئ أيا كانت ثقافته ، وحسبهما توظيف ما يسمى باللغة (الكلمة)وتسريد الإعلاميات على حد تعبيرلبيبة خمار
                محمد هندي 

....