هــكــذا كـانــت الـبـدايــة .....



كنت أكتب القصة القصيرة جدا وأعتقد أن قارئها الحقيقي قارئ إيجابي فاعل، ومشارك في بناء القصة وملء فراغاتها الحدثية والدلالية؛ بفك رموز الضمني والمضمر وإرادة القول التي يمررها القاص بين فروج الحروف.
كما اعتقدت، وبعد إصدار مجموعتي الورقية الأولى، في تشكيلة القصيصات لا القصة القصيرة جدا المفردة الواحدة المبتورة. لذلك جربت توظيف البياض والإضمار والحذف في " طوفان" والثيمة في " قطف الأحلام" والسيرة الذاتية و التخييل الذاتي في " ندف الروح". وهي فترة تنامى لدي الشعور أنني أجد نفسي في كتابة لوحات قصصية بين الاتصال والانفصال كما جاء في قراءة الناقد الأدبي محمد معتصم لمجموعتي" ندف الروح".
رافق ذلك هجوم بعضهم على تلك التجربة على خلفية إيمانهم بالقصيصة كنص مفرد قائم بذاته. وترديد بعضهم لفكرة خيانة النوع القصصي والانتقال إلى الكتابة الروائية.
 راودتني أسئلة كثيرة ترافقت مع  مشروع كتابة  مجموعة ورقية عن ثورة الربيع العربي. ونشرت بعضها هنا وهناك. وقادتني إعادة قراءة كتابي سعيديقطين حول الأدب الرقمي وإطلاعي على مقالة له حول القصة القصيرة جدا والرواية الترابطية يرى فيه أن الرواية العربية الترابطية الآتية ستكون عبارة عن شذرات مترابطة شريطة أن تكون ناضجة ومستوفية لشروط الكتابة القصصة القصيرة جدا. وأن الرواية العربية الجديدة وتكسيرها لخطية الحكاية تشكل جسرا نحو الرواية الترابطية. فشرعت في قراءة مجموعة من الكتب والمقالات حول الأدب الرقمي وروايات عربية جديدة محاولا الوقوف عند بعض تقنيات تكسير الحكاية والترابط بين شذراتها.
وشكلت مقالات ومحاضرات "جان كليمون" حول الرواية الترابطية وتقنيات كتابتها وأشكال الترابط فيها حافزا لأعيد النظر في ما كتبته حول الربيع العربي وتوجيهه نحو الكتابة الرقمية.
 واجهتني صعوبات تقنية في تزويد العمل بالصور والفيديوهات والأغاني وخلق الروابط بين العقد. لجأت إلى برمجي بسيط خاص بتقديم العروض سهل علي مهمة رقن النص وخلق الروابط بين القصيصات وإضافة الصور والموسيقى والأشكال والألوان وحجم الخطوط ونوعها. لكن حين حولت المنجز إلى ملف ( بي دي إف) ضاعت الموسيقى. فقررت نشر العمل دون موسيقى مرجئا تلك العملية إلى مرحلة لاحقة ثم فكرت في الاستعانة بذوي الاختصاص المتمكنين من البرمجيات المفيدة في تحقيق المراد. فكان الاتصال بعبده حقي الذي أنجز إخراجا أضاف فيه الموسيقى والصور ووجه الإخراج وفق تصور يمكن الاطلاع عليه على الرابط.
  
و هذه النسخة ثمرة تعاون وتشاور بيني وبين الدكتورة لبيبة خمار المتخصصة في الأدب الرقمي التي قبلت مشكورة أن تقوم بإخراج ثالث للعمل وجاءت بإضافات مهمة سيكتشفها القارئ المشاهد خلال الاطلاع على هذه التجربة والمقارنة بين النسختين السالفتين.